ما الذي يعنيه الخوف من التكنولوجيا؟ وكيف تعالجه في ثلاث خطوات

نشأ الخوف من التكنولوجيا منذ وُجدت أول مرة، فبالرغم من اختراعها لجعل الحياة أسهل وأكثر مرونة وإنتاجًا، إلّا أنّ الخوف تسلل إلى القلوب وسيطر على العقول. فمنذ أن دخلت الآلات مجال العمل عام 1811، دبّ الخوف قلوب العمال فثاروا وأثاروا الشَغب في إنجلترا.  وإلى يومنا هذا، ما زالت الآلات والحواسيب وغيرها تُخيف الإنسان وتُقلقه، وتجعل من حياته أصعب عكس ما وُجدت لأجله.

الخوف من التكنولوجيا

يُعرّف الخوف من التكنولوجيا بأنه خوف غير عادي من التقنية الحديثة، يسبب مشكلات صحية وفقد القدرة على العمل بكفاءة. ويعرف أيضًا برهاب التكنولوجيا وهو خوفٌ غير عقلاني ومستمر من التقنية وكل ما شابهها، يصاحبه القلق الشديد والتوتر أثناء التعامل مع الآلات كالحواسيب، الهواتف الذكية وكل ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي.

غالبًا يؤثر هذا الخوف فيمن لديهم مفاهيم خاطئة عن التقنية الحديثة، أو من لم يفهمها بصورة صحيحة. ومع التطور السريع، فإن الخوف يزداد ويصبح العمل أكثر صعوبة، كما الحياة الشخصية أيضًا.

لَم يُشخّص الخوف من التكنولوجيا (Technophobia) كمرض عقلي في علم النفس، إلا أنه وباستمرار التقنية بالتطور في السنوات الماضية، بدأت المراكز النفسية في علاجه كنوع من أنواع الرُهاب”خوف شديد ومنهك من مواقف معينة، أو تصرفات أو حيوانات، لا يتناسب مع خطر حقيقي“.

أسباب الخوف من التكنولوجيا

لا يوجد سبب حقيقي للخوف، إلا أنه يمكن تعريف بعض العوامل كسبب له:

الخوف من التغيير

  • أدمغتنا غير مهيئة للتأقلم بسهولة مع المتغيرات، خاصة السريعة منها. فنجد الراحة في الاستمرارية والتغير البطيء.
  • الاضطرار لتعلم أنظمة وبرامج جديدة، والتكيف مع الآلات الجديدة والمتطورة، والقلق بشأن الاختراقات الأمنية كلها عوامل تثير الرهبة في النفوس.
  • بالإضافة إلى خوف البعض أن يستبدلوا بالآلة في مكان العمل، يجعل رهاب التكنولوجيا متجذرًا بالنفس.

انعدام الثقة بالنفس

  • يسود عمومًا اعتقاد أن الخوف من التكنولوجيا شائع عند كبار السن، بسبب تقدمهم بالعمر والتدهور المعرفي لديهم.
  • ربما يكون صحيحًا، لكنه لا يُعد قاعدة عامة. لأن التقدم بالعمر وكل الأمراض المصاحبة لا تسبب بالضرورة الخوف من التكنولوجيا.
  • الحقيقة، يمكن أن يكون الخوف متعلقًا بشخصية الفرد ذاته، وشعوره بالقلق من الاستبدال.
  • كما شعوره بأنه لا قيمة له باعتماده على الأجيال الأصغر سنًا، فيشكك في نفسه وفي كفاءته ومهاراته.

الثقافة الرائجة

  • أغلب حالات الخوف من التكنولوجيا تكون نتيجة التحذيرات المستمرة من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وقارئي كتب الخيال العلمي ومتاعبي الأفلام الرائجة “والمؤمنين بها”.
  • كلام مثل وجود جانب مظلم للتكنولوجيا، وسيناريوهات مظلمة عن نهاية العالم على يد الآلات، هو الأساس في جعل الخوف منتشرًا ومتعمقًا في نفوس الضِعاف.
انطباع فني يشبه ما يكون عليه اضطراب الهلع
انطباع فني يشبه ما يكون عليه اضطراب الهلع

أعراض الخوف من التكنولوجيا

كل من يعاني الرهاب مثل رهاب التكنولوجيا، يُظهر استجابة قوية “جسدية وسلوكية” لأي تقنية جديدة. الأعراض تشبه أعراض القلق أو اضطراب الهلع، وتؤثر سلبيًا على الصحة العامة ومَهام الحياة اليومية.

في هكذا حالات من الخوف المستمر، يميل المرضى إلى تطوير آليّات تجنب المواجهة للتعامل مع الخوف. لكن وللأسف، تجنب المواجهة يزيد القلق والخوف، وله تأثير سلبي على الصحة العقلية وجودة الحياة، ويؤدي للعزلة خاصة عند كبار السن.

الأعراض الجسدية

ما يظهر على جسد المريض بالرهاب:

  • سرعة ضربات القلب.
  • التنفس السريع، أو قصر النفس.
  • شعور بالدوخة، أو فقدان الوعي.
  • ارتجاف.
  • غثيان، تقيؤ، واضطرابات معوية.
  • ألم في الصدر.
  • تعرق، أو قشعريرة.
  • تشنج العضلات.

الأعراض السلوكية

تصرفات مرضى الرهاب التقني السلوكية:

  • تفكير عميق ومبالغ فيه عند الاضطرار لاستخدام آلة أو تقنية جديدة.
  • سلوكيات تجنب المواجهة، مثل التأخر في شراء هاتف حديث.
  • رفض استخدام الحواسيب أو الأجهزة الذكية.
  • عدم الانخراط أو المشاركة في أي معاملة عبر الإنترنت.
  • الاستمرار بانتقاد التطورات في التقنية.
  • في الحالات الشديدة، يلجئ المريض إلى العيش في مناطق ريفية حيث لا وجود للتكنولوجيا.

كيف يتم تشخيص الخوف من التكنولوجيا؟

سيسأل الطبيب بعض الأسئلة لمعرفة إن كان الخوف له أثر سلبي على وظائف الحياة:

  • ما الأعراض التي تواجهها؟
  • هل يسبب مشكلات في علاقاتك؟
  • كم تستمر نوبات الخوف عادة؟

وتكون الخطة العلاجية مشابهة لعلاج أي نوع من أنواع الرهاب.

ثلاث خطوات لعلاج الخوف من التكنولوجيا

بصورة عامة فإن علاج رهاب التكنولوجيا مشابه في خطته لعلاج الأنواع الأخرى، كرهاب المرتفعات أو الأماكن الضيقة. ثلاث أساليب متبعة في علم النفس لعلاج الرهاب، وهي العلاج بالمواجهة، العلاج السلوكي المعرفي، وتناول الأدوية.

أسلوب العلاج بالمواجهة

  • واحد من أكثر الأساليب العلاجية نفعًا، وربما لا يحتاج غيره.
  • يعتمد على خطة مواجهة الخوف وعدم الاستسلام له، عبر تعويد النفس على الشيء المسبب للخوف تدريجيًا.
  • بداية، يمكن أن يتصور المريض نفسه مستخدم لأي نوع من أنواع التكنولوجيا.
  • وبعد أن يعتاد على تخيل نفسه، يبدأ تدريجيا في استعمالها في الحياة الواقعية.

العلاج السلوكي المعرفي

  • الذهاب لجلسات علاج، والتكلم مع الطبيب عن الأعراض والمشاعر التي يواجِهُهَا المريض.
  • بهذا الأسلوب، يمكن للطبيب معرفة إن كانت الأفكار في رأس المريض واقعية أم لا.
  • وعبر الجلسات المتكررة يتعلم المريض استبدال الأفكار غير الحقيقية بأخرى حقيقة وواقعية.

تناول الأدوية

  • في الحالات شديدة الخطر كالخوف المستمر وغير المنقطع، يلجئ الطبيب إلى وصف أدوية تساعد في الحد من اضطراب الهلع، والتخفيف من حدة نوبات القلق.

التأقلم مع الخوف من التكنولوجيا ليس سهلًا، لكن عدم علاجه يجعل من الحياة أصعب وأكثر تعقيدًا، ويمنع المصابين به من ممارسة حياتهم بسهولة. الأمر الجيّد أن العلاج ليس مستحيلًا، كل ما يتطلبه عزيمة وإرادة قوية، ورغبة شديدة في التغير.

أضف تعليق

أنشئ موقعاً أو مدونة مجانية على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

تصميم موقع كهذا باستخدام ووردبريس.كوم
ابدأ